الأربعاء، 9 أغسطس 2017

صناعة الأسلحة في شمال غرب القفقاس

             
يحتوي متحف الآثار التاريخية في موسكو على مجموعة واسعة من الأسلحة التي صنعها الشعوب الجبلية في شمال غرب القفقاس وداغستان ..وكانت صناعة الأسلحة لدى هذه الشعوب و المرتبطة أساسا بنظامها العسكري قد أصبحت مهنة ذات قداسة منذ القدم فكل رجل يبلغ من العمر (20) حتى (60) عاما كان يعتبر محاربا يفترض فيه أن يلبي  نداء الحرب وهو بكامل عتاده الحربي وعادة كان من المسلم به أن يحصل كل  محارب على سلاحه ودرعه بنفسه وأما غير القادرين ماديا فكان المجتمع يساعده على الحصول عليها.. إضافة على ذلك كان الحكام يحتفظون بجيش ثابت من المحاربين المحترفين تحت السلاح دائما ..كانت أسلحة الجبلين القوقازيين التقليدية تتألف من درع والسهام والخوذة وواقيات لليد والذراع ومن أسلحة هجومية قوس,سهام,رمح,رمح خفيف,سيف,خنجر,وبعد انتشار الأسلحة النارية في القرن الثامن عشر ظلت القسي والسهام والبنادق والتجهيزات مثلا متلازمة لبعض الوقت وبمرور الزمن حلت الأسلحة النارية محل القسي والسهام وتم التخلي عن الدروع لأنها لم تعد تؤمن الحماية من العيارات النارية وبدءا من النصف الثاني من القرن الثامن عشر صار تسليح جبلي مؤلفا من بندقية ومسدس وسيف وخنجر ..


بلاد غرب القفقاس الشمالي:
هذا الجزء من القفقاس هو موطن الشعوب (الأديغية) القبرتاي والشركس والديغة وكان يطلق عليهم جميعا اسم (الشراكسة) فيما مضى وهذه الشعوب الأديغية كانت تتمتع منذ القديم بمهارات متطورة جدا في صناعة وتزويق الأسلحة وكانت بعض الأسلحة تصنع منزليا مثل السهام وأسنة الرماح وبارود البنادق أما الأشياء الأكثر تعقيدا فيقوم بصنعها صناع محترفون

  • التجهيزات الدفاعية :

التجهيزات الدفاعية الشركسية هي من الطراز القفقاسي العام وتتألف من : الخود والدروع وواقيات اليد كانت الخوذة الحديدية المخروطية مكونة من نصفين مثبتين على بعضهما بواسطة البرشام وأما تزويقها المتواضع فكان يتم بقليل من الفضة او حتى بصفائح حديدية منقوشة بالنكل او بالذهب مع القليل من التزيين البسيط وهذه النقوش من الملتفات التزويقية على شكل الفاصلة (,) وهي التي تجعل من الممكن تمييز الخوذة الشركسية وأحيانا كان صانع السلاح يضيف عليها اسمه وتاريخ صنعها وهناك سلسلة من الخوذ تم صنعها في ثمانينات القرن الثامن العشر (1780) تحمل اسم صانعها علي بن حاج بك,ويستدل على ذلك من الكتابة المنقوشة عليها وعلى ذروة الخوذة الشركسية حلقة تتصل بها ريشة حمراء من الجلد المراكشي (الموروكو) حوافها مزركشة بخيوط معدنية على سبيل التزويق ويتدلى من الخوذة واقية درعية للرقبة تحمي نصف الوجه وتنسدل على الجوانب ومن الخلف على الكتفين أعلى الدرع وهي مثبتة تماما بخطاف من الأمام وكما في الخوذات الطويلة فغن المنخفضة لها أيضا ذات الواقية ولها نفس الطول أيضا وكان المحارب يحمي جسمه بقميص من زرد(آفه جانه-بالشركسية9 وهو قميص محبوك من حلقات معدنية وعادة تكون كل حلقة مشبوكة مع أربع حلقات مجاورة ولقميص الدرع شقان شق في العلى لجل الرأس وآخر عند حاشبته كيلا يعيق السيروكانت تضفر أشرطة من الجلد الخام الغير مدبوغ داخل قبة قميصه لأجل القساوة وبالتاي يؤمن حماية أفضل للعنق وفي الغالب كانت خطافات القبة تزوق بالفضة المطعمة بالنكل (الساوت) وكان قميص المحارب الماشي أطول من قميص الخيال ومتوسط حجم القميص كان يتالف من 20-25 ألف حلقة والفضل بين هذه الدروع هي التي كانت حلقاتها تصنع من أسلاك ذات قطع دائري أوذات قطع مبسطة ..وحازت الدروع القبردينية على شهرة عظيمة حتى ان الشاه الفارس كان يشتري منها الكثير وفي القرن السادس عشر كان الأتراك يبتزون الإتاوات من الشركس بشرا وخيولا ودروعا وفي أخر الأمر  تم نقل صناعة الأسلحة القبردينية من مدينة استرا خان الروسية إلى موسكو في ستينات القرن السابع عشر (1660) إن واقيات اليد والمرفق كانت تحمي الذراع من ضربات السيوف والواقيات هي عبارة عن صفائح تثبت على الذراع بواسطة صحيفتين أخريين صغيرتين أو حلقات وشبكات وسطوحها احيانا تزوق بالنقوش والكتابات المذهبة وأيضا كانت تجهيزات المحارب تشتمل على قفازات جلد "الموركو" الأحمرأوالأسود مع امتدادات وأشرطة من الزرد والجلد لتثبيتها على اليد وهذه القفازات كانت النساء تصنعها وتزينها بالمزركشات المحبوكة من خيوط الذهب او الفضة وفي وسطها كانت تطرز اشكال القرون المنحنية وهي الخصوصية النموذجية في التزيينات الشركسية

  • السلاح الأبيض:

يصم المتحف مجموعة واسعة من سيوف الفرسان الشركسية المصنوعة في نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر وتم اكتشافها في تلال مقابر "بيلارياريشكا" قرب مايكوب
وهي تتميز برأسها المدبب على شكل حربة وكان من الغرض من تصميمها على الأرجح هو تامين اختراق الدروع..وهناك مجموعة أيضا من السيوف لها رؤؤس مدببة مستقة مثل الحراب وتحمل كتابات منقوشة بالذهب على غرار السيف الدمشقي عليها عبارة من صنع حسين إن نصال سيوف من هذا الطراز موجودة ايضا ضمن محفوظات جناح الأسلحة في الكريميلين وتصفها البيانات بأنها شركسية ويرجح أنها صنعت من قبل صناع أسلحة قبردينيين ..وفي القرن السابع عشر طور الأديغة نوعا جديدا من سيوف الفرسان وهو (الشاشكا) وهذه الكلمة تعني السكين الطويل وهذا السيف يختلف كثيرا عن السيف الضائع إذ ليست له واقية مستعرضة لحماية اليد والشفرة تدخل في الغمد وتمتد حتى أعلى المقبض
كان المحارب يتمنطق بالسيف وحده القاطع باتجاه الأعلى وبذلك كان بوسعه امتشاقه مباشرة باتجاه الأمام دون حاجة الى سحبه نحو اليمين ثم توجيهه نحو الامام وسيف الشاشكا له نصل اقصر من نصل السيف الضائع والنصال التي كانت تستورد من أوروبا الغربية الى شركيسيا عبر البحر الأسود ظلت تستخدم على مدى قرون في صناعة السيوف لقد لاحظ كل الأجانب الذين زارو شركيسيا من القرن الخامس عشر حتى التاسع عشر الطلية الفضية الأنيقة للغاية على الأسلحة فقد كان يستعمل خليط من النكل الساوت وهو مركب من الفضة والنحاس والرصاص والكبريت لأجل تزيين المقابض الفضية للسيوف والخناجر وصفائح الغمد إن النكل الساوت على الفضة كان ينتج عنه زينة أصلية للغاية وكانت الأغماد تصنع من قبل النساء في البيت لأجل المحاربين من الأسرة اذ يتم قطع الصفائح الخشبية بحيث تلائم النصل ثم تغطى بجلد اخضر اللون وتغلف بغلاف خفيف من المخمل المزين بزركشات من خيوط تطريز معدنية (ذهب ,فضة الخ) ثم يتم تثبيت هذه الملحقات الزينية المخملية بصفائح صغيرة عيها النكل الساوت أما الأحزمة والحملات فكانت تصنع أيضا من الفضة ويتم تعليق السيف على شريط كتفي من الجلد مصنوع او من خيوط معدنية وأجزاء هذا الشريط تربط بواسطة بكلات ..

  • الأسلحة القاذفة:

لم يبق من الأسلحة القاذفة إلا القليل (القسي والسهام) والقسي القفقاسية هي من النوع المركب انها مصنوعة من قرون الحيوان ومن أوتار الحيوان المطبوخة ومن الخشب الملصوق مع بعضه بالغراء كان عظم القرن يشكل القسم الداخلي من القوس وبذلك يضمن شدا قويا وأوتار الحيوان المطبوخة والمثبتة بغراء السمك على امتداد عظم القرن كانت تؤمن للقوس مرونة أعلى أما الخشب فكان يشكل الجانب الخارجي وأما رأسا القوس اللذان إليهما يشد الوتر فكان يصنعان من العظم وكان الجانب الخشبي من القوس يغطى بجلد اسود مزين بنجمات ذهبية ,,والسهام تصنع منزليا لقد كان الشراكسة بما فيهم النبلاء كانوا يصنعون السهام لأنفسهم يوميا وكانت ذا مدى بعيد وذات رؤؤس مدببة بشكل ممتاز بشكل ممتاز وكانت النساء يصنعن الكنانات وجرابات القسي من جلد الموركو الأحمر أو الأسود والمحبوكة عند أهدابها بأشرطة من الجلد أو بخيوط معدنية وظلت القسي والسهام مستعملة على نطاق واسع إلى جانب الأسلحة النارية في القرن الثامن عشر والسهام الشركسية كانت ذات شهرة إلى حد أن التتار والنغواي كانوا يشترون من الشراكسة (300,000) سهم سنويا
الأسلحة النارية:
عرفت السلحة النارية في القفقاس الشمالي منذ القرن السادس عشر ولكنها انتشرت بشكل واسع في القرن الثامن عشر وكانت البنادق تجلب من القرم وداغستان( كوباتشي)كما انها كانت تصنع محليا ..ان البنادق لها سبطانات مقطعة إلى سطوح دقيقة وتحمل باللغة تركية كلمة "تم اختبارها "ويعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر ولهذه البنادق أعقاب مكسوة بالجلد وهي تقريبا غير مزينة بينما البنادق المصنوعة من قبل صناع البنادق محليين تكون سبطانتها أثقل ولها نير من الفضة وصفائح على الحواض مزوقة بتزيينات شركسية ويحتفظ المتحف ايضا بمسدسات شركسية وهذه المسدسات مجهزة بزناد مصون من النموذج التركي وتزين سبطانتها أحيانا بنقوش ذهبية وحواضنها مكسوة بالجلد الأسود وتنتهي مقابضها بكرة من العظم غالبا ما يكون لها صفائح جانبية وتصنع من الفضة ثم تزين بنقوش والزخارف والنكل وهناك مسدسات ذات زخارف عالية جدا تكون حواضنها مصنوعة من العاج الخاص المطعم بالفضة ..كانت الأسلحة النارية الشركسية تتطلب متممات إكسسوارات خاصة فمثلا شحنات البارود المعيرة كانت تحفظ في أنابيب خشبية تحمل في جيوب خاصة بها الحزر على صدر السترة الشركسية "التساي" وكانت نهايات الأنابيب العلوية الناتئة تغطى بأغطية فضية مزوقة وكان يجب الاحتفاظ بالبارود ذوي الجودة العالية الخاصة بحوض الزناد المصون في قوارير تصنع من الخشب أو قرن الحيوان أو من العظم وتزين بصفائح فضية
كانت المسدسات تحمل في قرابات من جلد والقراب غلاف للسلاح كان يصنع من قبل النساء ويطرز بخيوط الذهب او الفضة وغلبا ماتكون نهايته مفتوحة بحيث يستوعب طول أي مسدس

  • عدة الخيل :

لقد كانت الخيول منتشرة بالخص في كباردينا اذ كان يملك أمراؤها مزارع استيلاء رائعة وكان لكل مزرعة وسمها الخاص (الدمغة) ليتم وسم الخيول بها وكانت الخيول الشركسية الأصيلة تباع إلى الأنحاء الأخرى من القفقاس الشمالي وجورجيا وروسيا والقرم وكان الحصان القبرديني الأصيل يساوي 25 ضعف مثيله المحلي في القرم ..وصناعة السروج والتجهيزات الأخرى لحصان الركوب كانت تشكل مادة هامة عند الحرفيين الشراكسة وكان اربعة من الحرفيين يشتركون في صناعة السرج 1 صانع هيكل السرج بعد الهيكل الخشبي
2 السراج يغلفه بالجلد ويصنع جميع السيور والأحزمة والحشوة
3 الحداد يجهز كافة الأجزاء الحديدية الأخرى مع الركاب
4 صانع الفضة يعد التزيينات الديكورات الفضية
ان مجموعة الطقم كانت من سيور الجلد الخام الأسود التي تزين ببكلات دائرية وتحفر عليها النقوش ثم ينزل فيها النكل الساوت أو تطلى بالذهب ورمز الروح التزينية المشتركة لدى الجميع هو وسم العائلة أي الدمغة  والسروج القاسية عالية ومكسوة بالجلد الأحمر أو الأسود الموركو ومحشوة بالريش الناعم وكانت احيانا تزوق بصفائح فضية زينية كبيرة والركاب الحديدي الدائري كان يطلى بالاحمر او الأسود
والقفقاسيون لم يكونوا يستعملون المهاميز بل يستعينون بسوط قصير خاص بركوب الخيل للتحكم بالجواد والسوط يكون مزينا بخيوط معدنية وله غطاء على الرأس السفلي وعلى رأس العقدة توجد قطعة جلدية مثلثة مطرزة بأشكال ملتفة ومزركشة بخيوط من الفضة والنساء هن اللواتي كن يزين سوط الركاب بخيوط معدنية ويطرزن الريشة الجلدية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق