الثلاثاء، 8 أغسطس 2017

الفرح الشركسي

الخطبة:
تعتبر الخطبة من المقومات الأساسية للفرح الشركسي وقديما كان الشركسي يرى في الذهاب لخطبة الفتاة معاني إنسانية كبيرة وعرفا اجتماعيا جميلا فالعائلة الشركسية إذا أرادت تزويج ابنها الواقع في هوى فتاة تهواه أيضا عن طريق الخطبة ترسل وفدا يتكون من رجل واحد أو أكثر من طرف الأم ورجلين من طرف الأب لخطبة الفتاة والتقاليد الشركسية لاتسمح بذهاب النسوة للخطبة ويكون أهل الفتاة على علم بموعد الخطبة إلا أنه غالبا يحضر الوفد دون موعد مسبق ومن السهل معرفة من حضر لأجل الخطبة فبعد دخول الضيوف إلى الدار وترجلهم عن الخيول يتوجهون إلى مكان تقطيع الحطب في اليوم غير الماطر أو يتوجهون إلى مكان يقيهم من المطر في اليوم الماطر وعندها يرحب ا خاو عم الفتاة أو احد الجيران بالضيوف ويدعوهم للدخول فيرد كبير الوفد :أتينا إليكم ضيوفا إن قبلتم بقرابتنا منكم وعندما يسمع المضيف هذه الكلمات يقول : لابد من إبلاغ كبير العائلة فيترك الضيوف ويذهب لإحضار كبير العائلة والجواب في الزيارة الأولى لقد أسعدتنا وشرفتنا زيارتكم وسوف نتشاور والعائلة ولا مانع من زيارتنا في وقت لاحق .

أما الزيارة الثانية فيختلق أهل الفتاة أعذارا أخرى مثل لم تجر الأمور كما توقعنا فكبير العائلة لايزال غائبا ودون رأيه لاستطيع أن نتخذ القرار النهائي فإن كنتم ترغبون في قرابتنا فإننا نرحب بالزيارة مرة أخرى وفي الزيارة الثالثة إن أعجب أهل الفتاة بالشاب فهم يقدمون الطعام والشراب وأما في حال عدم رغبتهم بتزويج ابنتهم فمن دون دعوة للدخول يختلقون أعذارا مختلفة وأسبابا جديدة ويطلبون عدم السؤال أكثر وأنهم سيعلمونهم لاحقا عن موعد الزيارة القادمة ويتمنون لهم التوفيق وهذه رسالة غير مباشرة بعدم المصاهرة ولا ننسى هنا ان التحري عن الشاب الخاطب وأهله يتم حيث يقوم بهذه المهمة ثلاثة رجال مشهود لهم بالنزاهة والصدق وفي ضوء رأيهم يوافق الأهل أو لايوافقون
عقد القران :
كان الشراكسة يسمون عقد القران قبل الإسلام با لإقرار والموافقة وكانت تتم باتفاق الطرفين على مهر العروس وبشهادة الشهود وفي منزل والدي الفتاة وبعد دخول الشراكسة في الإسلام أصبح الإمام أو الشيخ الذي يعقد القران في بيت والدي الفتاة ويدون قيمة المهر بالإضافة إلى المتطلبات الأخرى التي يجب أن يقدمها الشاب على الفتاة وقبل البدء بعقد القران تقضي العادة إرسال شخص مؤتمن ليسأل الفتاة عما إذا كانت موافقة على عقد قرانها وكثيرا ما تبكي ولا تجيب بنعم فيقولون بكت لأنها راضية توكل الفتاة شخصا بوجود شاهدين على صحة التوكيل وكذلك يوكل الشاب شخصا بوجود شاهدين على صحة التوكيل ثم يقوم الشيخ بإجراءات عقد القران كماهو معروف وبعد مراسيك عقد القران يدعى الجميع على تناول الطعام والشراب
بعد عقد القران تبقى الفتاة فترة محدودة في بيت والديها لتتعلم بجدية أكبر إدارة البت بينما يستكمل أهلها المتطلبات تجهيزها وتأمين حاجياتها للحياة الجديدة
أخذ المهر: 
هناك اختلافا في مقدار المهر ونوعيته تبعا لوضع العائلتين المادية والاجتماعية ومع السف فقد شكل تأمين مهر الفتاة عبئا كبيرا على كثير من العائلات الشركسية ولم تكن الفتاة تقبل بالزواج من دون إن يقدم لها الشاب المهر المطلوب وبالتالي ارتفاع المهور سبب في التفريق بين المتحابين وكانت العائلة تلام بل تذم من قبل المجتمع أن قدمت بعض التنازلات في المهور بناتها يرسل اهل الفتاة وفدا مؤلفا من 5 أشخاص إلى 6 أشخاص يتصفون بالأخلاق الحميدة إلى دار أهل الشاب مساء حيث يرحب بهم ويقدم لهم الطعام والشراب ويطلب كبير الوفد السمح لهم بتأدية مهمتهم فيجيبون طلبه ويذهبون إلى أماكن الماشية على ضوء المشاعل وفي بعض الأحيان ترتفع أصوات المجادلة بين الطرفين عندما يحتج الوفد الضيف على الحيوانات المقدمة وفي النهاية تسوى الأمور بالتراضي ويتم انتقاء المواشي ثم تفحص الأغراض المنزلية المتفق عليها ويودع الضيوف برفقة مجموعة من الفرسان حتى حدود قريتهم بينما بتأخر الشبان الذين جاؤوا لسوق المواشي للمشاركة في الرقص والغناء في دار أهل الشاب
العرس:
في نهاية مراسم أخذ المهر وقبل أن يغادر الوفد الضيف يتم الاتفاق على موعد العرس وعندما تتهيا القرية كلها للعرس وليس أهل الشاب فقط فقد كانت أعداد كبيرة تحضر العرس الشركسي ولم يكن بمقدر العائلة العادية استضافة هذا الكم الهائل من الناس وكان الشراكسة يقيمون معظم الأعراس في الخريف بعد جني المحصول حيث تكثر الحبوب واللحوم والعصيدة الشركسية بحيث يمكنان تقام الحفلات الرقص دون الإحساس بالبرد وكانت العادة إن يقام العرس في النهار يوم الخميس او الجمعة ومن الهم جدا إبلاغ المدعوين ومنهم الشباب بتاريخ العرس بإرسال الفرسان ودعوتهم تجنبا لأي سوء تفاهم كان عدد الفرسان الذين يشاركون في إحضار العروس يتجاوز 50 فارسا يضاف إليهم الأصدقاء والقارب الذين جاؤوا إلى العرس وكان يتم دعوة فرسان الموكب إحضار العروس بأن يرسل إليهم فارسان ولم يكن يذهب لإحضار العروس غير الفرسان المدعوين الذين يحضرون بكامل لباسهم وسلاحهم وينطلق الموكب مساء عربة العروس التي يجرها ثوران تجهز وتغطى باللباد المربوط وبالخيوط المجدلة ثم توضع فوقها قطعة قماش من الحرير أو المخمل ويجلس في العربة عازف الأكورديون مع فتاتين وتنطلق العربة وتدخل القرية وهي في مقدمة الفرسان الذين يغنون بصوت عال ويستقبلهم اهل القرية وفي بعض الأحيان يرش اهل القرية فرسان الموكب بالماء على اعتبار هذا عرفا وعندما تصل العربة على دار العروس تقف أمام غرفة العروس ثم تترجل فتيات العرس ويتجهن نحو العروس وعنده فقط يترجل الفرسان عن خيولهم ويقدم المضيف للضيوف الطعام والشراب ويمتد الاحتفال حتى مطلع الفجر يستأذن كبير الضيوف فتجهز العربة ثانية ويربط الثوران وكان اهل الفتاة يقومون بمقالب عديدة بغية إبقاء الضيوف أطول مدة ممكنة كانوا يخفون إحدى عجلات العربة وبعد تجهيز العربة بإيجاد نواقصها يمتطي الفرسان الخيول وتبدأ حلقات الرقص بالاتساع وعازف الأكورديون يعزف معزوفة رقصة الخيول فيقوم الفرسان بترقيص جيادهم ومن العادات إلا يدير الفارس جانبه الذي يحمل السلاح (القاما) نحو النساء وحتى اليد التي تمسك السوط لاتدار جهة النساء ثم تقترب العربة محاطة بالفرسان من باب غرفة العروس وهم ينشدون (الوريدادا) وهي أهزوجة خاصة بالعروس فتخرج العروس من غرفتها لابسة ملابس جديدة ورأسها مغطى بغطاء حريري ناعم كان الأخ الأقرب للعريس أو الأخت هم الذين يدخلون غرفة العروس لمرافقتها على العربة بينما الفتيات المرافقات للعروس يقفن بجانب العربة ويساعدنها للصعود وهناك مقالب ايضا تتعرض لها المرافقات وكذلك الشباب المرافقين وتقابل تلك الممازحات بالرضا والسرور ولم يكن بالإمكان إخراج العروس من غرفتها إلا بدفع فدية الخروج إلى النسوة قريبات العروس وصديقاتها أما الشباب من طرف العروس فهم أيضا لايسمحون للعربة للخروج من باب الدار الا بعد دفع فدية (صداقة العروس) كان الناس يتجمهرون في الطرقات لرؤية موكب العروس ويتعرض الموكب لمقالب مضحكة أيضا من السكان ويستمر في السير بعد ان ينضم فرسان من طرف أهل الفتاة لمرافقة الفرسان الضيوف وكانت العادة ان تستضاف العروس في بيت غير بيت أهل العريس ويدخل الموكب الدار وفي المقدمة عربة العروس يتبعها العربة التي تحمل هداياها وأمتعتها وتنزل العروس من العربة برفقة المرافق الذي أخرجها من غرفتها وتدخل على غرفتها المخصصة لها ويتم كل ذلك وسط العزف والتصفيق بلا انقطاع يترجل الفرسان عن خيولهم ويرحب المضيف بهم ويشكرهم على جهودهم ويدعوهم الى البيت ثم الرقص ليرقصوا رقصة الإسلامي والطلقات النارية تطلق بين أرجلهم ثم يدعون على الطعام والشراب يستمر العرس لأكثر من أسبوع والجيران يساعدون أصحاب العرس ويستضيفون الضيوف القادمين
إحضار العريس:
بعد منتصف الليل يرافق الإشبين العريس على عروسه خلسة وفي غرفة العروس يجلس الاشبين وحارسة العروس معهما قليلا ثم يخرجان متمنين للعروسين نوما هنيئا ويظل الاشبين ساهرا قرب الدار وفي الصباح ياتي الاشبين وحارسة العروس ليوقظا العروسين فيذهب العريس مع الاشبين الى داره حيث ينزل وتظل حارسة العروس تهتم بها وتساعدها في تجهيز زينتها وهكذا كان يعتبر العريس قد عاد على أهله وعروسه إلا أنه يظل يزور العروس خلسة لأسبوع آخر ويعود إلى صديقه الاشبين كل صباح وكان والدا العريس يطلبان من أصدقاء العريس إعادة ابنهما إلى البيت فيحتفل الأصدقاء بهذه المناسبة حسب طقوس معينة يطول شرحها ويستقر العريس بعدها في داره مع عروسه وأهله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق