الخميس، 21 أغسطس 2014

مولد سوسروقة


سوسروقة وأمه ستناي يحتلان في ملاحم نارت مكانة غاية الأهمية والخطورة إذ أن الثنائي يذكرنا "عشتارـ تموزـ أوزوريس ـتموز" والذي انتقل فيما بعد إلى اليونان والرومان بأسماء مختلفة ومن الملاحظ أن هذا الثنائي الذي تكرر كثيرا في فكر المنطقة الأسطوري عبر حقب التاريخ المتلاحقة قد لعب دورا بارزا ومتميزا في فكر المنطقة الديني فيما بعد وما زالت رواسبه باقية في العديد من المعتقدات الشعبية والدينية كما ان هذا الثنائي كان مصدرا للإلهام استقى نته الفنانون أروع التماثيل ومازال يشكل معينا لاينضب للعديد من الشعراء المعاصرين وأجمل قصائد الشعر الحديث

نعود على الثنائي سوسروقةـ ستناي حيث ان الروايات المتناقلة حول مولد سوسروقة استطعنا إن نراجع منها إحدى وثلاثين رواية وبلهجات ومصادر مختلفة ولدى تحليل هذه النصوص يمكن أن نستخلص النتائج التالية


1) تجمع كافة الروايات على أن ستناي هي أم سوسروقة سواء كان ذلك بالتبني أو بالولادة

2) أربعة وعشرون رواية تجمع بين ستناي فائقة الجمال وبين راعي النارتيين الذي اشتهاها كظرف ممهد لولادة البطل

3) ستة وعشرون رواية تؤكد أن لقاء ستناي بالراعي او برجل آخر تم عند النهر وفي بعض الروايات رآها الراعي وهي تسبح عارية في النهر

4) ستة عشر رواية تقول أن الراعي بعد أن اشتهى ستناي انطلق ماء من شهوته من بعيد فوقع على الحجر قرب ستناي فأخذت معها الحجر وبعد تسعة أشهر وضع الحجر طفلا سوسروقة أي أنها رزقت بولدها وهي عذراء

5) أربعة روايات تقول أن الراعي عرف جسد ستناي فعلا داخل الماء أو على ضفة النهر فحملت كسائر النساء

6) روايات أخرى تذكر طرقا مختلفة للولادة منها التي تقول أنها رفعت شهوة الراعي عن الحجر بقطعة قطن وضعتها في صندوق حكمت إغلاقه وألقت به في النهر ثم أعيد الصندوق وأخرجت منه الطفل

7) أربعة عشر رواية تذكر ان سوسروقة عند ولادته سواء بعد أن وضع به الحجر أو وضعته ستناي كسائر النساء متقدا كالجمر والشرر يتطاير منه فغطَّسه "لبش" اله الحديد في الماء وسقاه سبع مرات كما يسقى الحديد فصار جسمه فولاذيا وتشير معظم الروايات هذه إلى وجود نقطة ضعف في أعلى ركبتيه حيث أمسكه إله الحديد منهما بملقط عندما سقاه فبقي هذا الجزء من الجسم دون سقي

8) سبعة روايات تؤكد ان سوسروقة ربي سرا أوتحت الأرض وإحدى هذه الروايات تقول أن ستناي بعد أن حملت من الراعي ادعت أنها مريضة ولن تشفى غلا بعد ستة أشهر ثم دخلت على بيت تحت الأرض لم تغادره إلى أن وضعت طفلها

9) هنالك إشارات ونصوص مختلفة على أن ستناي لم ترضع طفلها أبدا من ثديها وفي احدى الروايات تأكيد على أن بعض النسوة طلبن منها إرضاعه لأنها لو لم تفعل كانت ستشتهيه فيما بعد وستتخذه عشيقا أو زوجا

10) بعض الروايات تقول ان ستناي حملت سفاحا كسائر النساء فابتكرت قصة ولادته منم باطن الحجر وحدها وبالتواطؤ مع (لبش9

وإذا تأملنا هذه المعطيات المتعلقة بمولد ساوسروقة نجد الرموز الرئيسة التالية: المرأة ستناي ـ الراعي ـ النهر ـ الحجر ـ النار ـ الحديد ـ هذه الرموز التي تكررت مررا في أكثر الروايات وغيرها من النصوص (ملاحم نارت9 هي رموز حضارية لعبت دورا رئيسيا في تقدم الإنسان ولم يصل الإنسان القديم إلى امتلاكها إلا بعد عناء طويل امتد ألاف السنين .

من( ملاحم نارت الشركسية)
دراسة وترجمة ( ممدوح قوموق)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق