يسمون أنفسهم (بَخْوُ) والأبخاز يسمونهم (أبَخْوُ) أو (أسادزوا) وهم بذلك يخلطون مع تسميتهم للسادز. والأديغة يسمونهم (أوبوخ) وهم السكان الأصليون لمدينة سوتشي الحالية وضواحيها.
إن تسمية (بخْوُ) معروفة من قبل المصادر الوثائقية في القرنين الخامس والسادس الميلاديين بشكل (بوخونت) وهو اسم نهر يصب في البحر الأسود وبشكل (بروخي) كإسم مجموعة عرقية
في مرجع القرن السابع عشر (أوليا تشلبي) يسمي الأوبيخ بعدة أسماء محلية منها فاييابيخا وكانوا يعيشون على الشاطئ قرب نهر (بسه زوابه). هذه التسمية مؤلفة من جذرين وهما جذر (بيخا) ويشبه اسم الأوبيخ بلغتهم وجذر (فاييا) الي تدخل ضمن الإسم العام (غواييا) وهو اسم عائلة لدى الشابسيغ.
يسمى (أوليا) مجموعة الناس على الشاطئ بإسم (سوتشاليلر) أي سكان (سوتشي) والعلماء الروس يربطون هذه التسمية مع أسماء الأمكنة التي سكنها الأ وبيخ مثل (شاشي) و(ساشا) و(سوتشا) و(سوتشي) وكلها تدل على مكان وسكانه في آن واحد.
في نفس الوقت يتكلم (أولياتشلبي) عن منطقة (أوتشيره) جبلية باسم (ساداشا)التي كانت تقع بين منابع نهري سوتشي و(خوستا). لقد أمكن بدراسة كلمات وتعابير لغة هؤلاء في (ساداشا) بأن يقول علماء اللغة بأنها مشتقة من لغة الأوبيخ. وحسب علم المؤلفة فإن هؤلاء السكان كانوا يتكلمون الشركسية والأباظية.
في كل مراجع القرنين الثامن عشر والتاسع عشر يذكر الأوبيخ بهذه التسمية التي يناديهم بها الأديغة.
اعتبر أكثرية المؤلفين الغربيين والروس في النصف الأول من القرن التاسع عشر أن الأ وبيخ هم من الأديغة (الشراكسة). وكان الأبازين والأبخاز يسمون الأوبيخ والشابسيغ بأنهم أباظة أو أبادزه.
عمليا تقول كل المصادر أنه في منطقة سوتشي كانت توجد ثلاث لغات: الأديغة (الشركسية), الأوبيخ والأباظية. وأن الأولى هي كانت السائدة. إلا أن الأوبيخ في الجبال العالية حافظوا على لغتهم ويقول اللغويين أنها جزء من نافذة اللغات الأديغية_الأباظية والأبخازية من عائلة لغات شمال القفقاس.
في النصف الأول من القرن التاسع عشر كانت بلاد الأوبيخ تقع بين نهري (شاخه) و(خوست). كانت قراهم من الشمال الغربي مختلطة مع قرى الشابسيغ ومن الجنوب الشرقي مع السادز ومن الشمال الشرقي السلسلة الكبرى لجبال القفقاس التي تفصلهم عن الأديغة الأبزاخ.
كثيرا ما وجدنا في الوثائق تقسيما لأراضي الأوبيخ إلى ثلاثة أقسام: فوردانَة (واردانَة)- ساشَه - أوبيخ.
تحت الاسم العام (فوردانه) كانت هناك أربعة مجتمعات: (سوبيشخ- حيزه- فوردانَه – بسلخو). كان (سوبيشخ) موجودون قرب مصب نهر(شاخه) " هنا كان يعيش أوبيخ من عائلة (برزك)" أما (حيزه) فكانوا في وديان وشعاب أنهار(حادجيبس)- بوو- ديتلاشخه- بيرانده. كانت أقوى بحموعة من الأوبيخ هي (فوردانه) التي كانت تتواجد في منطقة من (حيزه) إلى ملتقى نهري (داغوميس) و(بساخوه) وفي وديان أنهار خوبزه- لوو- داغوميس وفي أحواض هذه الأنهار. كانت إحدى القرى الساحلية بتعداد (150- 200 ) بيت وعرفت بأسماءه باراكاي- دْزَبْشَ- لوبه وكانت موجودة عند مصب نهر(لوو) وكان يرأسها (اسماعيل باراكاي-إيبه- دزبش). وكانت هناك قرية كبيرة في وادي نهر (داغوميس) وكانت مركزا لعائلة (فوردانه) وكان اسمها كذلك (فوردانه) أو (فاغُوَهْ). وكانت القرية مؤلفة من (800) بيت أو أكثر وكانت تمتد من مسافة ثلاثة كيلومترات من الشاطئ باتجاه الداخل على ضفتي غر (داغوميس) لمسافة ( 18) كيلومترا. في نفس وادي نهر (داغوميس) كانت توجد قرية الحاج (كاراندوقة برزك) القائد العسكري والسياسي الشهير للأوبيخ وأحد قادة البرلمان الخاص بالأوبيخ- الشابسيغ- الأباظة في الأعوام 1861- 1864.
جنوب شرقي (فوردانه) كانت تعيش جماعة (بْساخُوَهْ) لمسافة ( 3 ) كيلومترات على ضفتي نهر (بساخوه)وكان عدد البيوت حوالي (500) بيت وكانت بينهم العائلة المشهورة المسماة (تشيسميغوه).
وجنوب شرقي ذلك كانت عائلة (ساشه) وعائلة (حاميش)وكانتا معروفتان باسم (ساشه) (سوتشي).القرى الكثيرة هنا كانت على طول أنهار (سوتشي), (بزوغو), (ماتيست),(خوست).
قرب مصب نهر سوتشي وعلى طرفيه كانت توجد القرية الأساسية لهذه المنطقة من الأوبيخ وكانت تعيش فيها العائلة المعروفة الكبيرة المسماة (أبلاغو). وتسمي مصادر الصف الأول للقرن التاسع عشر هذه القرية بإسم (سوتشيبس) أو (أبلاغوقوداج) وكان عاد البيوت فيها أكثر من (450) بيتا.
في وادي نهر سوتشي وعلى ضفته اليمن وعلى بعد مسافة ساعتين من البحر كان يعيش الحاج (إسماعيل دوغوموقه برزك) الذي أصبح منذ عام 1823 رئيسا وقائدا للأوبيخ والذي تحت قيادته في عام 1840 استطاع الأوبيخ والشابسيغ اقتلاع الروس من ثلاث قلاع حربيه على شاطئ البحر الأسود.
كان عدد سكان المنطقه العليا للأوبيخ كبيرا وقد بقيت أسماء بعض القرى المدمرة وكانذ في إحداها يعيش الحاج (عليم غيربي بابوقه)
كانت أهم الطرق في منطقة الأوبيخ هي الطرق الساحلية. وكان هناك طريق ريئسي يمتد من مصب نهر (شاخه) في البحر الأسود حتى منبعه ومن ثم عبر ممر (بسه فيج) إلى أراضي الأبزاخ. وكان هناك طريق رئيسي ثان يمتد من مصب نهر سوتشي وعلى طوله وحتى المنطقة المسماة سهل الأ وبيخ ومن ثم إلى أراضي (آتشيبس). وكان هناك طريق يربط المنطقه المتوسطة بين نهري (شاخه) و (سوتشي).
إن العدد الدقيق للأوبيخ سابقا غير معروف ومؤرخو النصف الأول للقرن التاسع عشر تتراوح أرقامهم كثيرا بين (9600) و( 115000) نسمه. وقد اعتبر المؤرخ (ل.لافروف) أن العدد الأقرب للدقة هو (25000) نسمة. إلا أنه وحسب شهادة مؤرخ الحرب القفقاسية (آ. بيرجيه) فإنه في الفترة من 1858 إلى 1864 ترك القفقاس وهاجر إلى تركيا أكثر من (90000) من الأوبيخ.
كان مجتمع الأوبيخ مجتمعا طبقيا إقطاعيا أبويا. وكان مؤلفا من عدة طبقات. كان أكثر الطبقات تعدادا هي طبقة المجتمع الحر. أما أعلى طبقه فكانت طبقة النبلاء التي كانت كبيرة التأثير وأكثر سلطه من نبلاء الشابسيغ والأبزاخ.
كانت أكبر عائلة نبيلة هي عائله بَرْزَكْ وكانت تتألف من حوالي ( 4000) عائله نبيله فرعيه في عام 1839. وكانت عائله (برزك) مرتبطه برابطه وثيقة جدا مع عائلة (شوباقوه) المشابهة في وضعها لدى الشابسيغ. وكانتا معا تشكلان في أخويه قويه جدا. أما العبيد والأقنان فكانوا قله. كانت طريقة الحصول على العبيد عن طريق الحروب والغزوات وبحكم قضائي وأحيانا بالشراء. كان العبيد يعملون فقط في الأ عمال المنزليه. من الناحيه النسبيه المئويه كانت نسبة العبيد لدى الأوبيخ أعلى منها لدى الشابسيغ والأبراخ.
كان الأوبيخ حتى منتصف القرن التاسع عشر يعيشون كمجتمعات منفصله مستقله بحكم كل منها فريق منتخب أو من كبار السن أو نبيل إن وجد واحد. كان كبار السن يسمون (تْحَهْ ماتَهْ)، وكان معناه كبير السن أو القائد أو الحكيم العاقل. ) لم يكن كبير السن يتم انتخابه ولا يحصل على لقبه بالوراثه. كانت القواعد الأساسيه لذلك هي: العائلة الكبيرة -المقدرة على الكلام الجميل- القرآن- الغنى ولكن الأهم هو السن الكبير والخبرة الواسعة .كان التحه ماته قاضيا ومستشارا للمجتمع. كان يتم حل المشاكل الكبيرة في الاجتماعات الشعبية (خاسَهْ) التي كان أعضاؤها من الأحرار. كان يتم انتخاب التحه ماته من بين كل (100) بيت. كان كل مئة بيت يقدم مندوبين إلى الاجتماعات الشعبية. كانت السلطة في مجموعة المئة بيت في يد (التحه ماته) وعشرة أعضاء كل منهم يمثل عشرة بيوت وكذلك الإمام (إن لم يكن هو نفسه التحه ماته). وكما قال أحدهم كان المجتمع وكأنه اتحاد فيدرالي لجمهوريات كل منها مؤلف مز (100) بيت.
كان الأوبيخ بشكل عام يعملون في الزراعة وتربية الماشية وكانوا مثلهم مثل باقي سكان الساحل مشهورين ببساتين الفاكهة كما كانوا يربون دودة القز لإنتاج الحرير. وكانت تربية النحل والصيد والحدادة متطورة لديهم.
كانت التجارة بشكل عام بالمقايضة مع جيرانهم ومع تركيا التي كانوا يتعاملون معها كتجارة بحرية. كانت أهم المستوردات من تركيا هي الملح والحرير والقماش الصوفي عالي الجودة والأوعية المعدنية والحديد والأسلحة والرصاص والبارود. وكانوا يصدرون القمح والذرة والعسل والشمع والأخشاب والجلود. كانت التجارة تتم عن طريق تجار أتراك وأرمن ويونان وقد مارس بعض الأوبيخ التجارة أيضا على سفنهم الخاصة.
في القرن التاسع عشر كان الأوبيخ مسلمين سنة وقه تعمقت الديانة لدى الأوبيخ أكثر منها لدى الشابسيغ. كما أن الأوبيخ الذين كانوا على الساحل كانوا أشد تدينا من إخوانهم في الجبال. وقد تغلغل الإسلام بشكل أكبر في السنوات من (1830-1850) بسبب الحرب التي شنها الروس عليهم وعلى الشراكسة وأصبح الإسلام عقيدة توحد الكل ضد العدو. في أوائل القرن التاسع عشر وقبل أن يتمكن الإسلام في قلوبهم كان الأوبيخ مثلهم في ذلك مثل الشابسيغ لا تزال فيهم بقايا وثنية من تقديس للأشجار وتقديم قرابين لها وبقايا مسيحية.
كانت الثقافة لدى الأوبيخ مشابهة لتلك الموجودة عند الشعوب القفقاسية الأخرى من أساطير (نارت) والموسيقى والرقص والألعاب ولا يختلفون في معيشتهم حتى عام 1864 عن الشابسيغ والأباظة والأبخاز.
تدل كثير من مراجع القرن التاسع عشر على دور الأوبيخ الكبير في الصراع الوطني التحرري الذي قامت به شعوب القفقاس ضد التوسع الحربي الروسي.
بدأت الأعمال القتالية على الشاطئ في ثلاثينات القرن التاسع عشر وذلك عندما قام الروس بتنظيم دوريات بحرية حربية على طول الشاطئ وإنزال قوات روسية في مناطق محددة وإقامة قلاع فيها. وقد تكلمنا عن المنجزات الحربية التي تمت من قبل جميع سكان الشاطئ في عام 1840 باحتلال القلاع الروسية وتم إتمام ذلك في عام 1841.
من كتاب ( ضياع بلاد الشراكسة - دراسة تاريخية )
تاليف: تامارا بولوفينكينا
ترجمة د. عمر شابسيغ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق