الثلاثاء، 17 يوليو 2018

محطات من تاريخنا النضالي



تعد القبرطاي من القبائل الأكثر قدما في القفقاس إذ كانوا يقطنون جزيرة تامان ومنطقة نهر القوبان وقد وصلت حدودهم فيما بعد حتى سونجه في الشيشان الحالية.
ينحدر الشراكسة من شعوب أسست حضارة عظيمة قبل أربعة أو خمسة آلف عام عرفت بحضارة مايكوب المشهورة عالميا امتدت من شواطئ البحر الأسود وحتى بلاد الداغستان ومازالت آثارها باقية حتى الآن تدل عليها وقد عرفت تلك الشعوب ب ( السند , الميؤت, كركت, تورت, الزيخ, كاسوغ) وفي القرن الخامس قبل الميلاد أسسوا ممالك عدة منها دولة السند وتأسست دولتا الزيخ والكاسوغ بين القرنين السادس والتاسع وقد كانت القبرطاي يقطنون على الشرق من القبائل الشركسية الأخرى , في وسط القفقاس الشمالي حيث كانت منطقتهم تتعرض للكثير من الغزوات والأطماع واستمرت الأوضاع على تلك الحال من القرن الأول وحتى العاشر حيث ضم القبرطاي الى دولة الآلان التي ظهرت في القرنين الحادي عشر والثاني عشر وقع القبرطاي تحت سيطرة الغزاة الجدد ومنذ القرن الرابع عشر بقي القبرطاي تحت تأثير الصراعات بين( الروس والقرم _الروس والأتراك _ الإنكليز والأتراك_ الفرس والكرج)



لقد كان القبرطاي مسيطرين على مقاليد الأمور في شمال القفقاس ونتيجة لذلك كانت الروس والأتراك والفرس يحاولون احتلال القبرطاي والسيطرة عليهم لتقوية نفوذهم على المنطقة ونتيجة لما ذكرنا كانت بين القياصرة الروس والعثمانيين الأمر الذي جعل القبرطاي في موقع خيار بين التقرب إلى الروس أو الأتراك فعقدوا اتفاقية حماية ودفاع مشترك مع الروس عام 1557م الأمر الذي أثار حفيظة الاتراك ومما زاد قلقهم قيام الروس في أعوام ( 1567_ 1578_ 1588م) ببناء القلاع على نهري الترك وسونجه وبذلك تأجج الصراع الساسي والعسكري بينهم والذي استمر من القرن السادس عشر وحتى منتصف  القرن الثامن عشر ودارت الأحداث وفي عام 1739م عقدوا اتفاقا فيما بينهم ينص على أن تكون القبرطاي بموجبه بلدا حرا غير محتل من كلا الطرفين على ان تبقى منطقة حياد بينهم .

غير أن البروفسور كوكيف يؤكد أن اتفاقية بلغراد بين الأتراك والروس كانت اتفاقية صورية ولم يتوقف تدخل الروس والأتراك في القبرطاي وحقيقة الأمر انه على الرغم من الاتفاقية التي كانت قد

أعطت القبرطاي حرية كاملة لم يكن بوسعهم أن يقرروا شيئا سواء في شؤونهم الداخلية أو الخارجية بدون تدخل الروس

‏والأتراك وبقي الصراع بين الطرفين حتى عام 1774م حيث عقدت اتفاقية /كوتشك~فاينارجي/ بينهم وقد نصت الفقرة 21 من هذه الاتفاقية على أن منطقة  القبرطاي والجلاخستاني صارت تحت سلطة القيصر .لاستثمار ذلك قام القيصر وبدون الرجوع إلى أمراء القبرطاي، بتوزيع الإقطاعات على الإقطاعيين الروس وجنرالات الجيش وغيرهم من أصحاب النفوذ والمناصب 

‏غير أن أمراء القبرطاي اعترضوا على هذه السياسة بشدة فكان جواب القيصر  أن بدأ احتلال أراضي القبرطاي بالقوة العسكرية وقرر احتلال منطقة القفقاس الواقعة بين بحر أزوف وقزلار عام 1777م ‏وبدأ تسيير حملات عسكرية بقصد احتلال القبرطاي ودارت الكثير من المعارك الطويلة .العنيفة إلى أن هاجم الروس منطقة القبرطاي 1779م بقيادة الجنرال الروسي يا كوبي ليلحق منطقة مزدوك بآزوف بحجة عدم قبول القبرطاي بقرارات القيادة الروسية وأعلن  أن حدود الروس والقبرطاي يجب أن يكون نهر (بالق) وفي عام 1794م ‏أنشئت المحكمة العليا في منطقة مزدوك على أن يكون جميع قبائل القبرطاي تحت سلطتها غير ان  القبرطاي رفضوا سلطة هذه المحكمة وقاموا بانتفاضة كبيرة تدفقت على أثرها  الجيوش الروسية على منطقة القبرطاي بقصد سحقها

‏وفي عام 1803 قام جنرلات القيصر بإنشاء قلعة نارت سانه الأمر الذي أدى إلى قيام الثورة الثانية حيث قام الروس بقيادة الجنرال ( غلازيناب) في ايار عام 1804م بتدمير وإحراق ثمانين بلدة على من فيها وفي عام 1810 م قام الجنرال (بالغاكوف) بإحراق وتدمير ما يزيد على مائتي بلدة وقد اتبع جنرلات الروس هذه الطريقة بالتدمير والإحراق وإراقة الكثير من الدماء في أعوام 1818-1821-1822م ان الحرب التي اطلق عليها حرب روسيا والقبرطاي والتي دامت أكثر من خمسين عاما انتهت عام 1822م باحتلال جميع أراضي القبرطاي وفيما بقيت بعض المناوشات تدور هنا وهناك ولكنها لم تكن ذات شأن لأنه في نفس العام سحبت السلطة من أمير القبرطاي



اضغط لتكبيـر الصورة

وسلمت لما سمي بمحكمة إلقبرطاي المؤقتة والتي أنشئت آنذاك والتي كانت تحت أمرة الحاكم الروسي القيصري لذلك قال الجنرال (يارملوف) آنذاك ´´الآن انتهت حرب إلقفقاس´" وفقد أمراء القبرطاي الأمل باسترجاع  بلادهم ورفضوا العيش بذل وخنوع تحت سيطرة الاستعمار الروسي فهجر معظمهم ابتداء من عام 1822م ‏وحتى بداية القرن العشرين إلى الدولة العثمانية وبلاد الشام. ومثالا على ذلك هاجر (بابو المرزه)وبصحبته عدد كبير من المزارعين وكان من مشاهير رجالات القبرطاي وكذلك عدد من الأبطال الذين خاضوا الحروب التي دارت بين القبرطاي والروس ومنهم ( قلشوفه قيين وبشمافة جامبوت وقنمت تامبوت) 

‏وفي عام 1861 ‏زاد عدد المهاجرين بشكل كبير قياسا للسابق وخاصة عندما بدأ أمراء وقادة القبرطاي يهاجرون مع جماعاتهم إلى تركيا حيث كانت القوانين العثمانية تسمح بنظام الإقطاع في ذلك الوقت. وعندما لاحظ الروس ذلك بدؤوا يدفعون الناس إلى الهجرة بكافة الوسائل وقاموا بتوزيع الأراضي الشاسعة التي فرغت من أصحابها على جنرالات القيصر وأصحاب المناصب الجدد ومازاد عنهم وزعت على القوزاق واستمرت الهجرات على هذه الحال حتى ثورة أكتوبر. وقد قدر عدد المهاجرين بأعداد مختلفة في كثير من الكتب وبشكل غير

متطابق و من الصعوبة بمكان معرفة الأرقام الحقيقية لعدد المهاجرين الان وغير ذلك لم يظهر ما يقنع ويرضي عن سبب هجرة القبرطاي إلى الدولة العثمانية أو كيفية الهجرة وأحداثها.


اضغط لتكبيـر الصورة



‏المترجم: أقول لصاحب هذا الكتاب ولكننا نحن المهاجرين وأحفادهم لابد أن نعرف جيدا أسباب الهجرة وظروف الهجرة وأهوالها والمآسي التي حدثت في طرقاتها والأخطار التي تعرضوا لها لقد رووها لنا قبل أن يفارقوا هذه الدنيا ورووها بكل تفاصيلها الحزينة ، ذكروا لنا كيف كانوا يساقون في الطرقات الجبلة الوعرة وكيف كانت الوحوش و الكلاب البرية تنهش أجسام العجائز والمرضى الذين أعياهم التعب وسقط ما بقي من أجسامهم على جنبات الطرقات لا يستطيعون متابعة طريقهم إلى المجهول. وحكوا لنا كيف لاقوا الموت الجماعي على شواطئ البحر الأسود وكيف كان يزج بهم بأعداد كبيرة علي متن السفن العثمانية القديمة وكيف كانت مدافع الجنرالات الروس تلاحقهم بقذائفها لتغرق السفن في عرض البحر بمن فيها ويترك الباقي لمصيرها البائس وحكوا لنا كيف استقبلتهم هذه الأرض الطيبة وكيف استقبلهم شعبها الطيبون ونحن نعرف الحقيقة. . . لم ننساها. . . ولن ننساها. .

البرفسور ( حسن دومان) ترجمة ( أيمن مطه)

إلبروز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق